يُناقش أهل الاختصاص ماهيّة عقد المُحاماةِ، وتتشعبُ آرائهم هل يُعاد إلى العقودِ الفقهيةِ المعروفةِ، أو يكون عقدًا جديدًا له خصائصَ مُختلفة، أو يكون مختلطًا بينهما، وبين هذهِ الآراء يكونُ تكييف العقدِ الذي قد يتحوّل عن بنودهِ إلى أجرةُ المثلِ مثلاً، أو الالغاء جزئيًا أو كليًا تبعًا لرأى فقهي أو شرعي مع الإشارة إلى العقودِ التي تعدُ بالنتيجةِ مخالفةً للسلوكِ المهني و أن المُحامي يبذلُ العنايةَ لا النتيجة. وبلا شكّ يكون الوعي التام بتداعيات القضية قبل خوضها ضربًا من الكِهانة! .
وعدم استقامةِ شكل هذا العقد، شكلاً عملاً قضائيًا لتقديرهِ والتعاملِ معه عبر الدعاوى القضائية التي تأخذ حيزها من الوقتِ والجهدِ الكبيرين، وقد أشار وزير العدل إلى تحوّل عقود المحامين إلى سنداتٍ تنفيذية مما يقوي جانب المحامين في هذا العقد، بعد مُضي الأوقات المضنية في الحصول على الأتعاب…
بيد أن التساؤل الملح عن كون التزام العقد جهة المحامي أو المنشأة القانونية مُقدم، على التزام الطرف الآخر، مما يجعل العقد غير منتجٍ لآثار معقولة قانونيًا إذ يكون التوازن في البناءِ العقديّ علامةً على الاحترافية، و مقلص للآثار غير المتوازنه على أحدّ طرفي العلاقة و نمثل على ذلك:
بالتزام المحامي بعقدٍ يُغبن فيهِ لأيّ سببٍ، كأن تصير الأتعاب أقل بكثيرٍ من قيمة القضية أقل من ١٪ والمتعارف عليهِ ١٠٪، ويحمل المحامي بمجردِ علمهِ القانونيّ بالعقد وآثاره الالتزامات القانونية دون النظر إلى تأثير العامل المادي عليهِ، وهو الذي لابدّ أن يتماشى معه حتى يتمكن من البقاءِ، والانتاجِ، والتطور في المهنة ؛ فأخذ المهنة على اعتبارها المهني دون النظر إلى تأثير الاقتصاديات عليها وعلى ممارسيها يؤدي بهم لسلوك دروب غير معقولة وربما غير مهنية ونحن في هذا الصدد لا نلومهم!
كما أن الالتزام الفردي لا ينتجُ في المنظومةِ كُليًا لأنه يُعبر عن الشخصية المهنية لصاحبهِ.
ويمكننا أن ندلل على ذلك بالانخفاض الحاصل في أتعاب المحاماة، والخبرة المتعلقة بها، والعقود التي يسار بها إلى أجرة المثل اضافةً إلى توجهِ اعداد أكبر على المهنةِ بأخذِ حيزٍ في المجالِ على حسابِ الاتساق المهني السليم.
مما يعودُ في تراكمهِ على وسط المحاماة، والاقتصاد؛ بالنظر المجرد للعرض والطلب والذي يبدو لا منطقي وغير طبيعي، ويحتاج إلى الرعاية كما ترعى الدولة المصالح الوطنية والاقتصادية في منع الاحتكار وفرض الغرامات… ألخ وكان آخر ذلك العقوبات الصادرة على شركات الاسمنت.
فالعملُ المهني عمومًا والمحاماة خصوصًا تختلفُ عن العملِ التجاري أو غير الربحي، فجعلهُ ميلاً لأحدهما أو وصفًا ينطبقُ على أحدهم لا يتسمُ بالموضوعيةِ المناسبة لحال المهنة التي تتطور.
ووفقًا للرؤيةِ الحكيمة لسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -أيده الله- والذي نهتدي بأقواله حيثُ قال: ( ما يمكننا فعله هو تشجيع قوة القانون )
هذا التشجيع الذي ينظمُ جموع القانونيون في الانتظامِ سلك التحوّل الوطني، ورؤية ٢٠٣٠ م .